القائمة الرئيسية

الصفحات

كيف تكون راضيا؟



كيف تكون راضيا؟


الرضا، إنها كلمة تحمل الكثير من المعاني بداخلها، ولم تكن يوماً مجرد كلمة في جملة أو عبارة عزيزي القارئ، الصبر من الممكن أن يحققه معظم البشر، ولكن ليس كل إنسان قادراً على الرضا.

ولكن هل من المحال أن يكون الإنسان راضيا؟
لو كان مُحالا أو مستحيلاً لم يكن الله عزوجل ليذكره في ٧٣ موضعا في القرءان الكريم منها "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) "

ما معنى الرضا؟

ماذا يعني الرضا: الرضا هي كلمة سامية وهي في المعنى المقابل لكلمة السخط أي عكسها وقد قال الرسول صل الله عليه وسلم "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك " والرضا يا صديقي أن تشعر بأن قلبك مثل المحيط واسعا وليس مجرد خليج أو مضيق، أن تشعر أنه مهما أُلقِيَ فيه من أشياء فلن تظهر ولا يبالي المحيط بها ،أن تشعر وكأنك سماء زرقاء صافية اللون بها متسع لكل من ضاقت دنياه وضاق بعينيه مد بصره، 

وحتي في يوم من الأيام عندما تصبح مُلبدة بالغيوم لا نشك أبدا في هطول المطر والخير والبركات لتنبت الزرع والحدائق بأمر الخالق، هكذا الرضا هو أن تتقبل الأمر ولا ترفضه ولا ترده ولا تجزع من قضاء الله وقدره ولا تعارضه ،أتعلم يا رفيقي عندما تكن إنسانا ً راضياً لا يعني أبداً إنك إنسان بارد أو مثل جماد ساكن لا يتحرك ولا يؤثر فيك شيء ،لا، لم يكن الرضا كذلك إنما هو ألا أعترض على قضاء الله وقدره ومع ذلك قد يكون بداخلك من الألم ما يكفي ليتألم به كل العالم من حولك لكنك مع ذلك كُنتَ صاحب قلب واسع كبير كبحر عميق أو مثل سماء زرقاء، تقبلت الأشياء برضا تام وطمأنينة وأنت تردد الله ربي “كلا إن معي ربي سيهدين" وكأنك تشعر بأن هناك حبل قوي ومتين بينك وبين الله بل هذه حقيقة، 

وبعدها ستستشعر مدى جمال الرضا ورضى نفسك وأن يتمم الله لك برضاه وبعدها لن تشقى أبداً، فكل ما دون الجنة دون .

قصص عن الرضا

يا رفيقي أسرد إليك قصةٍ حقيقة مررت بها أنا عندما كنتُ في العشرينات من عمري؛ سألت زوجة أبي ذات يوم قائلا لها أريد أن أدعو الله لكي بظهر الغيب فماذا تريدين؟ أجابتني بكل طمأنينة أدعو الله أن يرضي عني ويرضيني، يا الله ما هذه الغاية أهذا ما تريدين؟ أجابتني بنعم. وهنا استشعرت أهمية هذه الكلمة.

ويجب أن تلاحظ الفرق بين الرضا بالقدر أو أن ترضى إيماناً فمعني الأولى أن تقل ليس لي حيلة بالأمر أو ليس بيدنا شيء، أما الثانية أن ترضى إيماناً فتشكره على قضائه وقدره، لذلك قال على رضى الله عنه "الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين" وأي يقين نقصد يقين أنك مع الله والله معك ولن يضيعك أبداً.

أحببت يا رفيقي أن أُذكرك بقصة سعد بن أبي وقاص الذي كان مستجاب الدعاء، لقد فقد بصره رضي الله عنه وأرضاه عندما قدم إلى مكة وقد كُف بصره، جعل الناس يهُرعون إليه ليدعو الله لهم لأنه كان مُستجاب الدعاء، فجعل يدعو لهم. قال عبد الله بن السائب: فأتيته وأنا غلام: فتعرفت عليه فعرفني، فقلت له: يا عم، أنت تدعو للناس فيشفون، فلو دعوت لنفسك أن يرد الله بصرك، فتبسم وقال "يا بُنيّ قضاء الله أحبّ إلى من بَصري "أي نوع هذا من الرضا! نعم لابد أنك تعجب ولكنها حقيقة تستطيع يا رفيقي الوصول لها.


أنواع الرضا


الرضا أنواع منه الرضا الوظيفي ،هناك أناس يركبون سيارات ومركبات فارهة ومنازل مزخرفة وفي البنوك أودعوا الودائع والأموال الطائلة ولهم من البنون والبنات ما يشتهون أي أنهم امتلكوا الدنيا ولكنهم لم يرضوا بهذا ،فلم يرضى الله عنهم وشعروا بأنهم في أكثر درجات الهم والحزن .وهناك من فقد أمه التي لا تتكرر في الدنيا ،أو قُتل أخاه الوحيد ولكنك إذا حدثته وكأنه ملك الدنيا وما فيها راضيا محتسباً.

كم من شخص فينا عندما كان يدرس في الثانوية العامة لم يحصل على المعدل الذي يريد وبعدها دخل الجامعة وتخصص في شيء ربما لا يريده ولا يهمه حتى ،يقول لك هذا رزقي ونصيبي من الدنيا وبالرغم أنه يقول ذلك إلا أنه ليس راضيا .وهذا ما يسمي بالرضا الوظيفي والذي لم يستطع العلماء تحديد أسبابه إلا أنهم قالو ذلك لأن الإنسان كان يطمح أن يشبع رغباته بمكان ما وأن يشعر بسعادة تغمره لوصوله لما يريد وأن يشعر بارتياح. أما من ناحية الدين العظيم الذي لو طبقناه حقا لأصبحنا خير مثال في الرضا، هو أن تستشعر رضى الله وأن ترضى عن القضاء والقدر.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع