فقدان الشغف
كثيرٌ منَّا
يعاني ويشتكي من فقدان الشغف تجاه الأشياء والواجبات المُطالب بفعلها، فبأذن الله
سوف نتناول في هذا الموضوع الحديث عن الشغف، وأهميته، وأسباب فقدانه في الحياة
والعمل مع علاج كل سبب، ومن هو الشخص الناضج فكرياً
وما هو أفضل حل
لعلاج فقدان الشغف، ونختم بدعاء فقدان الشغف.
ما هو الشغف
الشغف هو ما
يُغلِّف القلب، وفي القرآن الكريم لما تحدَّث عن امرأة العزيز قال "شغفها
حبه" أي لسيدنا يوسف
فالشغف هو تمتع
حماسياً بالاهتمام تجاه شخص أو نشاطٌ ما، وهذا الاهتمام ناتج عن الحماس والرغبة
تجاه هذا الشيء، وليس بضروري أن يكون هذا الشغف إيجابي فقد يكون سلبي.
وعندما يكون
الإنسان لديه الشغف لفعل شيء ما فإنه لا يشعر بانقضاء الوقت ومروره وكأن الوقت
يختفي، ولا يُصبح يفكر بأي شيء إلاَّ فيه، فهذا هو الشغف.
أهمية الشغف
دعنا نوضح لك
أهمية الشغف في مثال بسيط
فنحن كبشر مثل السيارات،
فأي سيارة في هذا العالم مهما كانت الطاقة المستخدمة فيها، إلاَّ إنه هناك موتور
يحركها، وبدون هذا الموتور فالسيارة من المستحيل أن تتحرك، وهذا بالضبط هو فكرة
الشغف بالنسبة إلينا، فهو الموتور الذي يحركنا بغض النظر عن أي شيء آخر في حياتنا
فهذا المثال
وضَّح أهمية الشغف في حياتنا، وأنه هو السبب في أننا مازلنا مستمرين في الحركة والعمل،
فهذه هي أهمية الشغف في حياتنا.
ومن هنا ننتقل
إلى أسباب فقدان الشغف.
أسباب فقدان الشغف في الحياة والعمل
هناك أسباب عدة
لفقدان الشغف ولكننا بالقدر المُستطاع سوف نتحدث عن أهم الأسباب في فقدان شغفك
والتي يمكن حصرها في سبعة أسباب ومنها السبب الأول وهو:
عدم التواصل
*ومنها عدم التواصل مع أحلامك، فأنت لا
تعرف ماذا تريد ؟ ولا تعرف ماهي أهدافك؟!
فكأنك تعيش بلا
هدف
فلو عشت أنت
بدون أهداف أو بدون تفكير فيها، فهذا سيجعلك تعيش اليوم بيومه، وليس لديك طاقة
لإنجاز شيء ما في حياتك
*ومن عدم التواصل أيضاً
أنه يكون لديك
أهداف ولكنك غير متواصل مع كيفية تنفيذها
فمثلاً: أنت
تريد أن تكون مليونير أو أن يكون لديك شركة أو مشروع ما، ولكن ليس لديك الخطوات
لفعل هذا، فعدم التواصل بين هذه الخطوات وما بين أهدافك، يجعلك تنظر إلى هدفك على أنه
هدف كبير، ولكن بالنسبة إليك هذا الهدف أصبح
أمنية، فكلما نظرت إلى هذه الأمنية وإلى وضعك الحالي، وأنت في منتصف الطريق
وليس على دراية أي طريق تسلك للوصول إلى هدفك، كلَّما أُصِبتَ بفقدان شغفك في
العمل بصورة أسهل
*ومن عدم التواصل أيضاً
هو عدم التواصل
مع العلاقات الهامة الموجودة في حياتك مثل العلاقات التي تُشكل أهل بيتك
أصدقائك
المقربين، زوجتك أو زوجك في هذه الحياة، كل هذه العلاقات الهامة من شأنها تجديد
الشغف الموجود بداخلك، فبدون هذه العلاقات ستشعر بأنك فارغ، وينقصك أشياء كثيرة
فأي إنسان في
هذه الحياة ما هو إلاَّ كائن حي
ولكن لديه حياته
الاجتماعية، فهذه العلاقات شيء أساسي لابد من وجوده في حياتك
السبب الثاني من
فقدان الشغف:
هو فكرة فقدان الاستقلالية
فجميعنا كبشر
لدينا دافع قوي في هذه الحياة
وهو حرية الاختيار،
فعندما نتواجد في موقف ما ونشعر أننا ليس لدينا حرية الاختيار، فدائماً هذا الموقف
يصيبنا بالإحباط وعدم الشغف
فلو شعرت بعدم الاستقلالية
في علاقة ما، أنت موجود بها، أو عمل ما تقوم به، أو أحد النشاطات اليومية التي
تقوم بها، فأنت في الغالب ستكره هذا اليوم
فلو شعرت بعدم الاستقلالية
في حياتك
فمن الممكن أن
تُشَكِّل حياة جديدة تشعر فيها بالاستقلالية بجانب الحياة القديمة التي تعيشها
كتعلم هوايات
جديدة وممارستها مثل الرسم، أو أي نوع من أنواع الفنون، فجميعها أشياء تستطيع أن
تعبِّر فيها عن استقلاليتك
أو أوجد الأرضية
التي تشعر فيها أنك مُستقل وتستطيع التحرك فيها في جميع الاتجاهات
السبب الثالث من
فقدان الشغف:
هو عدم الالتزام،
فالالتزام يوَلِّد الشغف
فكلما كنت
ملتزمًا ومُعافراً وتسعى تجاه هدفك، كلما وجدت شغفك موجود
لكن لو حدث خلاف
ذلك، ففي الوقت الذي ستتوقف فيه وتستسلم، ففي الوقت هذا ستفقد شغفك
فدائماً كن
مُعافر، وضع أمامك أهداف أكثر صعوبة من أهدافك، فهذا أفضل من أن تستسلم وتتراجع عن
هدفك
والسبب الرابع
من فقدان الشغف:
هو عدم مكافأة
النفس
فهذه هي من أحد
أهم الأخطاء الشائعة التي يفعلها الكثير منَّا في نفسه وهو عدم مكافأتها
فقد تكون وصلت
إلى البعض أو الكثير من الإنجازات في حياتك، كتخرجك من الجامعة وتجهيزك للدراسات
العليا وتعلٌّم أكثر من لغة وهكذا
فأنت أمامك خط
طويل من الإنجازات ولكنك لا تنظر إليه، ومنشغل دائماً بالتفكير فيما الذي ينبغي
عليّك فعله لتحقيق إنجازات أخرى، ولا تعطي نفسك قسط من الراحة تستمتع فيه
بالإنجازات التي قد حققتها بالفعل، وتكافئ نفسك عليها، فهذا بعد فترة يجعل فكرة النجاح
ذاتها أو فكرة المثابرة والاجتهاد، فكرة مُتعبة ومرهقة في الانتقال من نجاح إلى
نجاح آخر
، فحاول أن
تُكافئ نفسك على ما فعلته من إنجازات ولا تحاول أن تبحث عن الكمال في كل شيء، حتى
لا تفقد شغفك في العمل
أمَّا السبب
الخامس من فقدان الشغف:
هو عدم القدرة
على الاختيار
بأن تكون مُشتت
وغير قادر على الاختيار فيما إذا تريد الدراسة هنا أم هناك، أو العمل في هذه
الشركة أو تأسيس مشروعك الخاص بك
أو الارتباط
بهذه الفتاة أو فتاة أخرى أجمل منها
فكونك أنك غير
قادر على الاختيار ومتردد
هذا يجعلك لا
تخطو أي خطوة، وتفقد الشغف في كل الاختيارات المُتاحة
فموضوع التردد هذا،
يحتاج منك شيء من قبيل الشجاعة في أنك تتحمل مسؤولية اختياراتك
وتكون على علم
أن أي اختيار أفضل من عدمه
فالفكرة أنك
تتخذ القرار وتتجه نحوه، ولا تنظر خلفك
ومن هنا ننتقل
إلى السبب السادس:
وهو عدم
التنافسية،
فهناك قاعدة
تُدعى قاعدة (الزائد والناقص وال يساوي) وهي أحد أهم الاقتباسات في فقدان الشغف
فالزائد: بمعنى
أنك دائماً تبحث في حياتك عن شخص أعلى منك مكانةً
والناقص: أنك
تبحث عن شخص أقل منك مكانةً
ويساوي: أنك
تبحث عن شخص موجود في حياتك يُشبهك في مكانتك
فالشخص الذي
يُعبر عنه بزائد: هو الشخص الذي أنت تنظر إليه لكي تتعلم منه
والشخص الذي
يُعبَّر عنه بناقص: هو الشخص الذي دائماً أنت تحاول أن تساعده
والشخص الذي
يُعبَّر عنه يساوي: هو الشخص الذي تحاول أن تتنافس معه
فهناك مُتعة
عظيمة في فكرة التنافسية
فكلما تنافست مع
أحدٌ ما، كلمَّا كان لديك طاقة أكبر لفعل العديد من الأشياء
ومما لا شك فيه
أنه كلمّا زادت التنافسية زادت أشياء أخرى سيئة
ولكن عدم
التنافسية تماماً يجعلك تقف في مكانك
ويقلل من شغفك
في الحياة والعمل
السبب السابع
لفقدان الشغف:
هو أنك تتأثر
بالظروف الخارجية
وهذا يعد من أهم
الأسباب لفقدان الشغف
فعليك أن تعلم
أن الشغف ليس مرتبط بالأشياء التي تحدث في حياتك، لأن الشغف الموجود بداخلك أنت من
توجده وتنتجه.
فمفهوم الشغف:
هو أنك تعلم غايتك، والطريق الموصل إليها، ولديك الطاقة لسلوك هذا الطريق، وليس له
علاقة بالظروف التي تدور حولك.
فالشخص الناضج
فكرياً:
يعلم تماماً أنه هو المسؤول عن شغفه وأنه هو خير مُحفِّز لنفسه
بغض النظر عن
الظروف التي يمر بها، كما إنه يعلم أن لا أحد سوف يمده بالطاقة اللازمة للاستمرار
وتحقيق أهدافه.
فالشخص الناضج
فكرياً هو من لديه القدرة على تحمل المسؤولية، والإرادة في تحقيق أهدافه.
علاج فقدان الشغف
أفضل حل لعلاج
فقدان الشغف:
هو الدافعية بأن
يكون لديك دافع تسعى في تحقيقه، فالدافعية توَلَّد الرغبة في الفعل، والرغبة
تولِّد السلوك (الحركة) فالحركة تجعلك تحصل على ما تريد، فترضى به نفسك.
فقدان الشغف
والحماس:
فلكي يتولد
بداخلك الحماس والإرادة قوية
فعليك أن تربط
بين ما تريد أن تحصل عليه وبين ما ينبغي عليك فعله حتى لا تفقد شغفك، بأن تعلم
بأنه لا يمكنك الوصول إلى هدفٌ ما إلاَّ إذا قمت بما يجب عليك فعله لتحقيق ذلك
الهدف
.
فإذا ربط بين
الذي تتمناه وبين ما ينبغي عليك فعله ارتفع عندك الحماس والشغف، فهذا هو أفضل حل
لعلاج فقدان الشغف.
دعاء فقدان الشغف
وخير ما نختم به
مقالنا
هو دعاء فقدان
الشغف:
"اللهم إنَّا نعوذُ بك من فقدان الشغف، وسعي يستنزف الجهد والوقت بلا جدوى، وحياةٌ بلا هدف، والتعلُّق بما لا يستحق، والانطفاء بعد التوهج، وهوان الإرادة، وكل ما من سبيلِهِ أن يتركنا فارغين دون رغبة، ودون حياة"
تعليقات
إرسال تعليق