ذنوب الخلوات
ذنوبي أشكو وما
غيرها --- أقض منامي من مقلتي
أعاتب نفسي أما
هزها --- بكاء الأحبة في سكرتي
أما هزها الموت
يأتي غدا --- وما في كتابي سوى غفلتي
عمل يبطل
الأعمال، هو من أكبر ما يزلزل الحسانات ولو كانت مثل الجبال، ذهبت هباءا منثورا،
لا تجعل الله
أخف الناظرين إليك ولا أهون الناظرين إليك، فإنه إذا قل حياء العبد من الله ووجدته
يستحى من زوجه ومن الناس ولم يهمه أمر يوم القيامة والعياذ بالله فهذا منها.
فعظموا الله حق قدره
وتذكر قوله تعالي "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ
جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ
بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُون"
لاتكن منتهكا لحرمات
الله في الخلوات ولا تكن ممن {يستخفون من الناس ولا يستخفون من ﷲ}، فإن أعظم مصيبة:
أن تخاف من البشر فتختفي بمعصيتك عن أبصارهم،
فإذا أردت أن
تعرف مدى إيمانك راقب الله في خطواتك وفي خلواتك، فإن الإيمان لا يظهر بركعتي في
جوف الليل، ولا يظهر بصيام نهار، إنما الإيمان أن تراقب نفسك وأن تعاهد الله على
ترك ذنوب الخلوات كما قال الله عزوجل " وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ
وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ "
وتذكر أيضاً
عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : (
لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ
أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا
) قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ
لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ ، قَالَ : ( أَمَا إِنَّهُمْ
إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا
تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ
انْتَهَكُوهَا ) . هؤلاء في خلوتهم لا يترددون وهذا استهتار لا ينبغي على عبد هو
من المسلمين، فيجب أن نراجع أنفسنا مع الله ونقوم بتهذيبها قبل أن يأتي يوم لا مرد
فيه ولا تنفع فيه الحسرة على ما مضى وما فات وأنتهي، فيا عبد الله، احمد الله أنك
مازلت تتنفس وحيّ ترزق قل الحمد لله.
يا رفيق إذا
هممت بمعصية وهمت نفسك بها فذكرها بالله، لا يكون الله أهون الناظرين إليك جل
جلاله، إذا خلوت يوماً بريبة والنفس داعية للعصيان فقل لها استحي من نظر الإله،
فإنه خلق الظلام كله وقادر على أن يراني.
عواقب ذنوب الخلوات
لها عواقب وخيمة
أليمه تظهر في كل شيء بلا استثناء "فيا رب عافنا واهدنا"
عواقبها تمتد
لخاتمه سوء والعياذ بالله، فبادر بالتوبة مازال النفس فيك يروح ويجيء، وقل الحمد لله
أن هداني الله، واعلم بأن عواقبها كثيرة، تضيق الصدر وتكدر الصفو والتفكير،
عواقبها تجعل القلب مسودا يبتعد عن الله يوما بعد يوم إن لم تبادر بالتوبة، أتعلم أن
لها عواقب تمس الرزق أيضا وتضيقه وتزيله وتكدر صفو العيش، فلا تجعل متعة لحظات
تنسيك سعادة وسلامة الدارين الدنيا والآخرة،
وكن رجلا!،. أتدري
من هو الرجل الحقيقي؟!....
ليس الرجل
بالمال أو بالعضلات أو بمتاع دنيا زائل أو أن يكون حاملا لسلاح، لا ليس هذا فقط....
الرجل الحق هو من إذا خلا بما يحب من المحرم وقدر عليه فتذكر وتفكر وعلم بأن الله
يراه فأستحي من ربه كيف يراه بهذا الحال وكيف يعصي الله وهو يراه، والله لن تنال
ولاية الله حتى تكون معاملتك له خالصه جل شأنه وتعالي رب السماوات والأرض..
الثقة في الله وعدم اليأس
كيد الشيطان
يجعلك تيأس من رحمة الله ويجعلك تكن قانطا ويوحي إليك بأن الله لن يغفر لك، مخطئ
يا رفيق لو بلغت ذنوبك عنان السماء واستغفرت الله لو جدته غفارا، ووالله ثم والله
لو دعوته صادقا ما ردك ابداً، قلبك متألم وضلوعك لا تطيق هواء النفس ويضيق نَفسكَ
لاختناقك من معصيتك والألم يتقلب فيك تقلبا، أبشر يا صاح فوالله لن يردك الغفور
الرحيم الودود هو سمى نفسه بذلك فعاهد نفسك على ألا تعود للذنب في خلوتك مجدداً.
كيف انتهي عن ذنوب الخلوات وكيف أتركها؟
قبل أن تبحث عن
الإجابة هنا يجب أن تكون قد قرأت ما سبق من المقال ليصل إليك الدواء كاملا بإذن
الله وأمره.
العلاج الأول، إياك
ثم إياك ثم إياك أن تفقد الثقة فإنها الشمعة التي تضيئ حجرات قلبك التي أظلمت،
فإنها النور الذي يتسلل لعينيك، فإنها الطريق الصحيح لتصل إلي هدفك وهو علاج النفس
من ذنوب الخلوات والعلاج يتلخص في جملة سنقولها لاحقا بإذن الله ،يا أخي القارئ
ويا أختي القارئة لو بلغت ذنوبك عنان السماء لا تتدع الشيطان يتمكن منك ،أو أن
يجعلك تصل لدرجة اليأس والقنوط من رحمة الله، ألا تتذكر قول الله عزوجل "
وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ......"أكملها انت لاتكن من
الضالين فكن على ثقة بالله وفي الله ولا تيأس من روح الله ،ولكن لا يعني هذا تكرار
الذنب وتقول الله غفور رحيم تذكر أنه أيضا شديد العقاب وقوي وعزيز فأحرص أن تكون
واثقا في الله ،
العلاج الثاني،
الذي ينجح ان حققت الأول، وهو أن تُعلم نفسك بأن تعبد الله كأنك تراه وان لم تكن
تراه فهو يراك، أي عود النفس بأن تتقي الله وتخشاه وبأن الله يراك في السر والعلن
وأنه لا يخفى عليه شيء في السماوات والأرض سبحانه جل شأنه، يجب أن تستشعر عظمة
الخالق عظمة الله عزوجل وتعلم بأنه يراك وكل أفعالك مسجلة في كتاب، تخيل بأن تقبض
روحك وان تعصي الله في خلوتك كيف سيكون لقاءك لله "إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَىٰ
عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5)
فإنه إياك ثم
إياك أن يكون الله أهون الناظرين إليك،
والأمر الثالث
للعلاج، يجب أن تجول معي الآن يا أيها القارئ في عواقب ذنوب الخلوات، إن لها عواقب
لن ترضها إن أدركتها، إذا لماذا تمتع نفسك لحظات وحتي لو سويعات ثم تكدر صفو عيشك
وحياتك وتجعل قلبك مضطرب وعقلك مشتت وتعكر مزاجك ،فإنه كما ذكرنا سابقا حديث
الرسول صل الله عليه وسلم عن الحسنات التي تذهب هباء يوم القيامة ولو كانت مثل
الجبال ذكرناه في الأعلى وتذكر نحن بحاجه الي أي حسنه لعلها تجعل كفة الميزان في
صالحنا لماذا إذا تكترث ذنوب الخلوات التي تقضي على جبال الحسنات ،لا نريد أن نكون
مثل التي نقضت غزلها من بعد قوة ،
ومن بعض ذنوب
الخلوات، الإباحية ومثل هذا الذنب العظيم يكون علاجه بالزواج وإن لم يستطع فعليه
بالصيام كما قال الرسول صل الله عليه وسلم [يا معشر الشباب، من استطاع الباءة
فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء].
لكن! هل فقط ذنوب الخلوات تقتصر على الإباحية!!! لا ذنوب الخلوات كثيرة!! كل ذنب تتخفي به عن الناس فهو من ذنوب الخلوات حتى وإن كان في وضح النهار، رياءك في الصدقة التي تقع أمام الجمع من ذنوب الخلوات، فأعد حساباتك واتقي الله في كل حركاتك وسكناتك ،
وتذكر جيدا، لكي نعالج ذنوب الخلوات يجب أن نقطع كل الأسباب التي تؤدي إليها وإن
كانت من أبسط الأمور فإن البداية يزينها الشيطان بسيطة ولكن النهاية وخيمه وحزينة،
وأخيرا أخي القارئ عليك بنفسك هذبها علمها، أشغلها بما يرضى الله وأكثر من قراءة
القرءان وحفظه فأنه الدواء الأمثل والعلاج القوي الذي من لم يجربه قد خسر، وأكثر
من ذكر الله، ومن الاستغفار.
ونسأل الله أن
يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم وان يكون سببا في عودة الأمل للنفوس وان يكون
تهذيبا لما في القلوب والحمد لله......
تعليقات
إرسال تعليق