القائمة الرئيسية

الصفحات

التخلص من التفكير السلبي والقلق

 


التخلص من التفكير السلبي والقلق

كيف أترك التفكير السلبي؟

الحياة في عصرنا هذا تتطور بشكل سريع جدًا وملحوظ، لا أقول "في كل يوم يَجِدُّ جديد" ولكن أقول "في كل لحظة جديد"، ومع هذه التغيرات الطارئة وهذا التحول السريع تنشأ الضغوط، وتزداد الهموم، ويصبح الشخص أسيرًا وفريسةً للتفكير السلبي، فإذا كنت تعاني من التفكير السلبي فإليك هذا المقال الذي سيساعدك بإذن الله في التخلص من التفكير السلبي


 ولكن دعني أولاً أخبرك شيئًا مهمًا قبل الشروع في حل هذه المشكلة، وفي كل مشكلة أيضًا.

 

لكي تتخلص من التفكير السلبي ومن أي مشكلة عمومًا لا بد أولاً أن تحدد ماهية وأسباب تلك المشكلة فكما هو معلوم أن لكل مشكلة سبب وأن فهم هذه الأسباب وما ورائها هو بمثابة المفتاح لحل هذه المشكلة، وبالتالي إذا وضعنا يدنا جيدًا على هذه الأسباب فسنستطيع إيجاد الطرق الأنسب لحلها بإذن الله.

 

هذا ما كنت أودُّ إخبارك به عزيزي القارئ، قد تجد هذا الشيء بديهيّ جدًا، صحيح أنت محق وأنا اتفق معك، لكن وللأسف بالرغم من أن هذا الشيء بدهيٌّ إلا أن بعض الناس يرون المشكلة من منظور سطحي فقط، ساعين لحل الأسباب الفرعية، متغاضين عن الأسباب الحقيقية وراء هذه المشكلة - فصاروا كمن عالج العرض دون المرض ثم لم يلبث كثيرًا وعاد لنقطة البداية مرة أخرى -


ربما يكون هذا سببًا منطقيًا لك أيضًا في فشل بعض الأشخاص في حل مشكلاتهم، فلا بد أن شخصًا ما على الأقل أخبرك أنه بالفعل حاول مرارًا وتكرارًا لحل مشكلة ما ولكن دون جدوى، وبالمناسبة هذا الشخص يمكن أن يكون أنت شخصيًا.

 

لذا عزيزي القارئ، دعنا لا نطيل في المقدمات ولنبدأ الآن في فهم التفكير السلبي وآلياته وكيفية التخلص منه.

 

ما هو التفكير السلبي، وما هو التفكير الإيجابي؟

 أولاً: التفكير السلبي:

للأسف آلياته كثيرة؛ فمنه كثرة التحسر والندم على ما فات، القلق الدائم بما هو كائنٌ، التشاؤم بما هو قادم، وتوقع الفشل في كل شيء وبالتالي الخوف من اتخاذ خطوة للأمام.


أما التفكير الإيجابي:

فيشمل التدبير والتخطيط مع حسن الظن بالله عز وجل؛ ثقةً بعطائه الذي ضمنه لنا سبحانه إذا توكلنا عليه.

 


التفكير السلبي من منظور أقرب للنفس

 

قد يقول قائلٌ لا أستطيع التوقف عن التفكير السلبي والشيطان دائمًا يجعلني أفكر بطريقة سلبية ويجعلني أقلق دائمًا، فماذا أفعل؟


الجواب: اسأل نفسك هذه الأسئلة أولاً

هل أنت تتحكم بنفسك أم أن الشيطان هو الذي يتحكم بك ويحركك رغمًا عنك؟

هل الشيطان يحركك كما تحرك أنت السيارة!


 اسمح لي أيها القارئ بالجواب عنك وجوابي سيكون لا وبكل تأكيد، لا يمكن للشيطان أن يجبرك على شيء وإلا لما يحاسبك الله على هذه الأشياء!

 وبما أن الشيطان لا يستطيع أن يجبرك، إذًا أنت تتحكم بنفسك.


ولكي تتأكد أكثر سأجلب لك اعتراف الشيطان نفسه - وأستطيع أن أضمن أنه سيكون دليلاً كافيًا بالنسبة لك؛ فمشهورٌ أن "الاعتراف سيد الأدلة" -.

قال تعالى في سورة ابراهيم مخبرًا عمّا سيقوله الشيطان يوم القيامة: "وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم"


فهذا اعترافٌ من الشيطان نفسه أنه لا يملك أن يتحكم فيك وأن أقصى ما يمكنه فعله هو أن يطلب منك أن تفكر تفكيرًا سلبيًا وأن يدعوك للتشاؤم، وأنت الذي تقرر هل ستستمع له وتتابع التفكير السلبي أم لا.


أما أن يجبرك هو على ذلك! فـ لا، هو لا يستطيع، أنت إن شئت أن تقبل طلبه وتفكر سلبيًا فسوف تفكر، وإن أردت أن ترفض دعوة الشيطان للتفكير السلبي فسوف تفعل أيضًا. فالقرار في النهاية لك أنت، بيدك أنت لا في يده هو.

 

 

أسباب الاستمرار في التفكير السلبي

 سبب الاستمرار في التفكير السلبي والسر في استجابتنا له؟

السبب أن الإنسان يوهم نفسه ويغرقها في الوهم، ويقنعها أنه لا يستطيع ترك التفكير السلبي وأن هذا الأمر ليس بيده بل هو من فعل الشيطان، وما أسهل هذا على النفس البشرية فهي لا تحب أن تُنسَب الأخطاء إليها. ولكن وإن كان للشيطان البداية بالوسوسة، فعليك أنت النهاية بتحطيم هذه الوساوس وهنا يكون النصر.

 

أما السر في استجابتنا لوساوس التفكير السلبي فهو يكمن في عدم قدرتنا على المقاومة. بالرغم من أن الأمور بأيدينا وأننا نستطيع التوقف عن التفكير السلبي إذا عزمنا وصدقنا النية. ولكننا وللأسف نسترسل مع الشيطان إذا بدأ بسرد الأفكار السلبية فكأنه يقول لك: لن تنجح، لن تحصل على ما تريد، ربما يحصل الشيء الفلاني الضار والمزعج لك، ليتك لم تفعل كذا وكذا،


والشيطان يعرف هذا السر ولا يريدنا ان نكتشفه. بالطبع فالأريح له أن نبقى مستسلمين وألا ندفع أفكاره التي يوسوس لنا بها ولذلك يبقى هو ويصول ويجول في قلبك بلا مقاومة وهذه هي الهزيمة الحقيقية.


 فنحن نستطيع أن نهزمه بسهولة فهو ضعيف كما قال عنه الله تعالى في كتابه: "إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا" ولكننا للأسف لا نقاتل، استسلمنا للهزيمة قبل المعركة وهذه هي طريقة الشيطان الكسول الذي يقنعك أن ترك الأشياء السيئة ليس بيدك، والمصيبة أننا نصدق ذلك.

 

كيفية ترك التفكير السلبي والتخلص منه؟

قال صلى الله عليه وسلم: "اتبع السيئة الحسنة تمحها"

وكذلك أنت أيضًا إذا أردت التخلص من التفكير السلبي فعليك بالإكثار من التفكير الإيجابي، وعليك بحسن الظن بالله وتفويض أمورك له وأن تتوكل عليه حق التوكل؛ 

فإذا توكلت عليه فكأن همومك نارٌ وانطفأت، لا قلق ولا تفكير ولا هم ولا غم. فيا الله ما أحلى التوكل عليك، ما أبرده على النفس!


فعلاً مسكينٌ من لم يتوكل على ربه، مسكينٌ من لم يشعر بهذه الراحة النفسية التي هي غير موجودة إلا في صدور المتوكلين. فلا يوجد شيء ألذ ولا أحلى ولا أكثر راحة من أن يسلم العبد كل أحماله وأثقاله وهمومه إلى ربه وهو سبحانه يفعل بهذه الهموم ما شاء وانتهى الامر.

    

هل يعني كمال التوكل ألا أفكر مطلقًا في الموضوع؟

 

قد يقول قائل أنا متوكلٌ على الله ولكني أفكر في موضوعي الذي يهمني، فهل معنى كمال التوكل ألا أفكر مطلقًا بالموضوع الذي توكلت على الله فيه!


الجواب: أن المطلوب هو عدم التفكير السلبي بالموضوع الذي توكلت على الله فيه أما التفكير الايجابي فهو يزيد توكلك قوة وثواب؛ فإذا كنت كذلك فنعم فكر وانطلق.

 

 

 وصف حال المتوكلين

 

أحيانًا نرى أشخاصًا ونشعر أنهم في جنةٍ وهم في الدنيا، في دنيتهم جنة من جنان الآخرة، يتمتعون بحلاوتها، والراحة النفسية التي فيها.

وأنت أيضًا يمكنك أن تشعر بهذه الجنة عندما تفوض همومك إلى ربك، وقتها فقط ستشعر وكأن هذه الهموم قد انتقلت من قلبك الى مكانٍ اخر.


لماذا يحصل هذا؟ لأن الله طلب منك أن تتوكل عليه فأنت فعلت بالضبط ما طلبه منك، متأكدًا أنه سبحانه سيلبي لك طلبك.

 أولم يقل سبحانه في كتابه الكريم: "أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ"!

بلى يا رب، فأنا عبدك وعلى عهدك ووعدك ما استطعت، توكلت عليك ربي وأنت كافيني.

 

  

القدرة على ترك التفكير السلبي

 

 *ختامًا دعني أذكر لك مثالاً يثبت لك أنك تستطيع ترك التفكير السلبي وليس فقط التفكير السلبي بل تستطيع ترك أي شيء لا تريده. *

أرأيت لو كان هناك شخصٌ يفكر بشكل سلبي ثم جاءه رجل غني غناءً فاحشًا وأراد مساعدته في ترك التفكير السلبي فقال الغني للرجل المتشائم أعطيك مليون دينارًا إذا تركت همومك وبدأت في حل مجموعة من الكلمات المتقاطعة لمدة ساعة واحدة!


فهل يمكن لأحدٍ (أيًا كان) في مكان هذا الشخص أن يترك المليون دينار في مقابل عدم تركه لتفكيره السلبي!

بالطبع لا، ولله المثل الأعلى طبعًا. ولكن أليست ثقتنا بالله أغلى من ملايين البشر هذه، وهو الذي بيده كل شيء حتى نحن!  

 

 الخلاصة

عزيزي القارئ، لا تكن ممن يحبس نفسه في الوهم ويقنع نفسه بنفسه أنه لا يستطيع "ترك التفكير السلبي"

لا تكن من الذين يستسلمون للأمر ويظنون أنه ليس بيدهم ويخنقون أنفسهم بالقلق والندم والتحسر والتشاؤم.

وتذكر اعتراف الشيطان وهو يقول: "وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ"


 والقرار في النهاية بيدك هل ستتوكل على ربك وتترك التفكير السلبي أم ستستمع لوساوس الشيطان وتستسلم وتترك لها قيادتك وأنت تحت تأثير مخدر الوهم بأنك لا تستطيع المقاومة!

 أريدك من اليوم فصاعدًا أن تأخذ زمام القيادة مرة أخرى، أن تصبح أنت المتحكم في أفكارك كما خلقك الله فتسمح للأفكار الإيجابية أن تخرج وتسيطر على الأفكار السلبية فتتخلص منها، وبإذن الله ستستطيع ما دمت أوكلت نفسك وأمورك لله وهو الذي لا تضيع ودائعه.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع