القائمة الرئيسية

الصفحات

المتّقون نيّرى البصيرة والبصر


  

"المتّقون نيّرى البصيرة والبصر "

ولكنّها القلوب يا عليّ إذا صفت رأت بنور اللّه ...
نور الله هو ذاك القبس الذي ينزل تمامًا في لُب قلب الرجل وينعكس على جوارحه حتى تصير نورانيّة فيمشى وكأنه نور وخواطره أيضا نور "وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ" ... 

حسناتٌ تُوضع في ميزانه مذ أكثر من أربعة عشر قرنًا...فيا تُرى من هو ؟!

 أعجب لذاك الصحابيّ الجليل الذي ما أوردت لنا صُحف الدنيا اسمه ولكن بإذنه سبحانه كُتب في صُحف عند الملأ الأعلى وأتساءل ما الخبيئة التي بينه وبين الله حتى يُلقى النور على قلبه فيتلفّظ بجملة في صلاة له خلف النبيّ لعظمتها رأى النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بضعةً وثلاثون ملكًا يبتدرون أيّهم يكتبها أوّلٌّ..
يا اللّه جملة لم تتجاوز كلماتها العشر كلمات ولكنّها عظيمة الأجر حتى كادت الملائكة أن تُزاحم بعضها بعضًا كي تكتبها يُجريها اللّه على لسان عبدٍ من عباده ونتأسّى به إلى يومنا هذا فيكتب اللّه له أجرها تامّة دون أن ينقص هذا من أجورنا شيئا بفضله سبحانه..

يا سعد ذاك الصحابي وهناه
فأذكر قول عمر لعليّ -رضي اللّه عنهما- "ولكنّها القلوب يا عليّ إذا صفت رأت بنور اللّه" ...نعم ترى بنور اللّه وكأنّها تقرأ الغيب مكتوبا وكأنه قريبا جدا لناظريها وهذا إنما هو فضلٌ محضٌ يمنّ الله به على عباده بقدر ما يرى في قلوبهم من إخلاصٍ له وحده 

يهتزّ عرش الرحمن ،فيا تُرى لأي شيء اهتزّ ؟!

وها هو سيّدنا سعد بن معاذ يهتزّ عرش الرحمن لموته -رضي اللّه عنه- فرحًا به.. فيا تُرى ما بينه وبين اللّه؟!
أهو نفس سرّ صاحبنا الأوّل أم فتحٌ ربّانيٌّ آخر..

ذكاء صحابيّ ...

وهاك سيّدنا سواد بن غزية يُفكّر في حيلة ذكيّة ليضمن لنفسه الجنّة..
فبينما سيّدنا محمّد -صلّى اللّه عليه وسلّم- يساوى الصفّ يوم بدرٍ بسواكه الشريف ويطعنه في بطن سواد قائلا له "استوِ يا سواد بن غزية" فيقول سواد: يا رسول اللّه أوجعتني فكشف الحبيب -صلّى اللّه عليه وسلّم- بطنه وطلب منه أن يستقدّ ،فاعتنق سواد -رضي اللّه عنه- بطن النبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- وقبّلها فلما سأله -صلّى اللّه عليه وسلّم- عن فعلته قال له لعلّ أن يكون اليوم آخر عهدي بالدنيا فأحببتُ أن يكون ختامي منه مساس جلدي لجلدك فيحرّم الله بهذا جلدي عن النّار ومن يُغبّر قدمه أيضا في سبيل اللّه فإنّهما حرام على النّار وكأن سودًا كان يعلم أن الإخلاص ركنٌ ركين في قبول العمل فاختار من الأعمال أضمنها للقبول فهو ضامن نيّته في حُبّ النبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- وليس بضامنها في إخلاصه للخروج للقتال في سبيل اللّه.

فأتساءل أيضا ما هاته البصيرة التي وهبها اللّه سوادًا فهدته لتلك الحيلة اللطيفة الذكيّة فلا أجد جوابًا ولكن أتذكّر مقولة عمر لعليّ -رضي اللّه عنهما- "ولكنّها القلوب يا عليّ إذا صفت رأت بنور اللّه"..

سرّ أصحابنا هؤلاء ...

أُفتّش مليًّا في هاته الأحداث جميعها فلا أجد جوابًا شافيًّا إلا التقوى وكيف لا وقد وعد سبحانه من يتقه بأن يرزقه من حيث لا يحتسب...قال تعالى "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا" ...

فهاته الخواطر التي طافت بقلوب الصحابة وتطوف في قلوب عباد اللّه الصالحين إنما هي رزق إلهي يُعطيه اللّه من يشاء من عباده ويا فرحته من كان حظّه نورًا في قلبه..

فهل صفت قلوبنا صدقًا وحقًّا؟!
أم ما زلنا أسرى شهواتنا؟!
فاللهمّ فُكّ قيّدنا من ذنوبنا وردّنا إليك ردًّا جميلًا وأصلحنا بما أصلحت به عبادك الصالحين...آمين

واللّه من وراء القصد وهو الهادي لسواء السبيل
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع